سألتك مرارا
هل فعلا الموت ينهي حياة الشخص؟
أجبتني لا أظن
أين هم الأموات ؟
كنت تقول لي لم يرجع منهم أحدا ليخبرنا أين كان
سألتك يوما ما أسوأ ما قد يحصل لشخص
أكدت لي أنه فراق الميت و عانيت منه أنت أكثر من أي شخص أعرفه و حاولت الخروج من معاناتك أربعون عاما و على سرير موتك بحت لي بسرك العظيم و هو أنك لم تشفى يوما من معاناة لغز الموت العظيم...
حديثنا لم يكتمل فقد فتحنا مواضيع أخرى و لم نكملها ربما و كم من حديث مازال معلقا بيننا ... متى نكمله؟
أتقبل موتك كونه أمر من الله لكن... لا أتقبل عدم وجودك و لا أدري لما لا يساعدني العالم؟
كيف لي أن أقرأ توقعات برج الميزان ولا أفكر فيك فلما يواصلون الكلام عن برجك و أنت ميت هل يسري الكلام على الأموات والأحياء؟
لا أفهم لمن يبثون قناة الجزيرة و العربية وقنوات الأخبار جميعها ببيتنا و أنت لا تتابعها؟
لمن يبيعون جريدة الشرق الأوسط و القدس و الحياة كل صباح فلم أرى شخصا بحياتي غيرك يشتريها و يلتهمها قراءة طول اليوم قبل المرور لكتبه؟لماذا لم يحذفون كلمة أبي بعد من المعجم؟ لمن يحضرون السلطة كل يوم و من غيرك بالبيت يهتم بالسلطة و الخضار و فوائد الثوم و البصل و زيت الزيتون؟؟؟
العالم لا يساعدني على استيعاب موتك لأن مكانك كما هو بكل شيء حتى بالأسواق أرى ما تحبه فأشتريه ناسية أو متناسية موتك لأنهمبكل بساطة يعرضونه أمامي، فمن المخطأ؟
أفتح كتبي التي أهديتها لي و حتى التي اشتريته لنفسي و عرضتها عليك لتبدي رأيك فأراك فيها، لا وهما فأنا لست مجنونة لكنك دونت بكل صفحة تعليقاتك و أضفت خطا فوق كل كلمة أو جملة أعجبتك فحتى ما لم أقرأه بعد من مئات الكتب سبقتني بقرائتها و بمشاركتي فيها كما لو أنك تدري أنك ستكون راحل. و أفتح درجك فأجد قصاصات جرائد لعشرين سنة مضت كلها مخبأة بعناية كتبت فيها تعليقاتك مخاطبا فيها شخص واحد باسمه و هو طبعا أنا: هل كنت تعلم أني سأبحث عنها؟ كيف سأركز يوما بقرائتها و أنا أتحسس فيها بصماتك و ألتهم فيها بعيني خط يدك فقط؟؟
هل تدري أن المواضيع بيننا لازالت مفتوحة و نقاشات عديدة لم تنتهي و لن تنتهي فقد كنت تبحث عني لتشاركني أفكارك و ارائك مضيفا كل مرة مزحة أني أذكى من تعرفه و أن للنقاش أسس أنت زرعتها في كما زرعت ملايين من جيناتك و من صفاتك و من طباعك و من عيوبك كذلك فتربيت نسخة منك دون أن أشعر و دون أن تشعر و اليوم أنا أشعر بالأمر فهل شعرت به يوم قلت أني أكثر من أحببت بحياتك كلها؟
هل تعلم أن قوتي التي لمستها بنفسك قبل وفاتك هي بك لا بدونك و هي منك و مما زرعته بنفسي بتربيتك؟ و هل تعلم أني تماسكت لأكون كما ترضى فقط و أني وقفت صامدة بآخر ساعات حياتك وحيدة معك أحاورك و أنا متأكدة أنك تجيبني كيقيني بنهاية حياتك ، و هل تعلم أني حضرت دفنك لأقطع باب الشك بداخلي و لأتأكد بأنك غير موجود بعالمي ولأكف عن مهاتفتك و اقتناء عطرك المفضل و جبنك المفضل و جرائدك لكني لم أنجح بعد... فلو كنت حي ماذا كنت ستقول لي؟ أنت أضعف مني أمام الموت كما اعترفت بنفسك فماذا كنت ستقول؟
أرأيت أن الحوارات لم تنتهي بيننا؟